إستقبل البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الرّاعي، قبل ظهر الأربعاء في الصّرح البطريركيّ في بكركي عميد المجلس العامّ المارونيّ الوزير السّابق وديع الخازن وعرض معه الأوضاع الرّاهنة.
الخازن قال بعد اللّقاء: “تشرّفت بلقاء غبطة أبينا البطريرك الرّاعي وكانت مناسبة تداولنا فيها تحديدًا بموضوع الاستحقاق الرّئاسيّ والتّطوّرات الأمنيّة المقلقة على الحدود اللّبنانيّة، وأثنينا في هذا السّياق على بيان القمّة العربيّة الإسلاميّة في الرّياض الّتي خرجت بمقرّرات جريئة وهامّة جدًّا، لاسيّما لجهة مطالبتها بوقف فوريّ لإطلاق النّار في لبنان وغزّة، وإدانتها الاعتداءات الإسرائيليّة، وتبنّيها قيام دولة فلسطينيّة مستقلّة”.
وأكّد الخازن “أنّ غبطته بذل وما زال أقصى المُحاولات لدفع الأفرقاء إلى إنجاز الاستحقاق الرّئاسيّ، باعتبار إنجاز انتخاب رئيس للجمهوريّة هو الرّكن الأوّل للحفاظ على مسيرة مؤسّسات الدّولة وعودة الثّقة بالبلد، بعدما حذّر مرارًا وتكرارًا من أنّ المُماطلة والتّأخير سوف يؤدّيان إلى شلّ الدّولة وتعطيل مؤسّساتها، وهو ما وصلنا إليه اليوم بشكل مأساويّ ومُعيب ومُهين”.
وأضاف الخازن: “لقد انطوت سنتان ونيّف من عمر الفراغ الرّئاسيّ وضربت رقمًا مُقلقًا في تعداد أيّامها، وكأنّها دهور، فالانتخاب الرّئاسيّ، الّذي ُبحّ فيه صوت البطريرك الرّاعي، وأعْيَت الحيلة رئيس المجلس النّيابيّ نبيه برّي في الدّعوة إليه، وبَقيَ عالقًا في جلسات مجلس الوزراء على لسان الرّئيس نجيب ميقاتي في كلّ مُستهلّ منها، لم يفلح في شقّ طريقِه إلى البرلمان”.
وسأل الخازن “هل يُعقل أن نُعطّل هذا الاستحقاق، فنعطّل معه كلّ استحقاقات التّعيينات الإداريّة العسكريّة والأمنيّة في أحرج الظّروف ونترك السّفراء، المُعيّنين لدُولهم في لبنان، منتظرين على قارعة القصر الجمهوريّ في انتظار قدوم ّسيّده، والأهمّ من كلّ ذلك، هل يجوز خرق الصّيغة التّمثيليّة في الرّئاسات، وتهديد أهمّ موقع مسيحيّ يُعتدّ به شرقًا وغربًا كنموذج يُحتذى في زمن انهيار صِيَغ العيش في الشّرق الأوسط”.
وإختتم: “إنّه الامتحان الأكبر لمدى استحقاقنا للبنان، ولندائنا الدّيمقراطيّ فيه”.
ثمّ استقبل الرّاعي النّائب فؤاد المخزومي ترافقه المستشارة السّياسيّة كارول زوين. بعد اللّقاء، قال مخزومي إنّ الزّيارة هي للبحث في آخر تطوّرات الحرب على لبنان، مؤكّدًا على أهمّيّة دور غبطته الّذي يُعتبر مرجعيّة وطنيّة تكرّس عبر مواقفها الوحدة الوطنيّة واستقامة الدّولة. وإذ شدّد على ضرورة وقف الحرب، أكّد على أنّ الخطوة الأولى والأهمّ هي انتخاب رئيس للجمهوريّة، ومن ثمّ تشكيل حكومة لديها الميثاقيّة والشّرعيّة تمهيدًا لانتظام العمل في الدّولة، وإعادة إحياء عمليّة التّشريع في مجلس النّوّاب للاستفادة من المؤتمرات والقمم الّتي تعقد لأجل لبنان، وآخرها القمّة العربيّة الإسلاميّة الّتي عقدت في الرّياض، وهنا أعتقد أن كلّ أصدقاء لبنان يعملون على مساعدتنا.
ولفت مخزومي إلى أنّ هذه المؤتمرات والتّحرّكات تؤكّد حرص المملكة العربيّة السّعوديّة وكافّة الدّول العربيّة والإسلاميّة وأصدقاء لبنان في العالم، على مساعدة بلدنا وشعبنا. وأضاف أنّنا إن لم نبدأ في مساعدة أنفسنا وبلدنا من الدّاخل وإنجاز استحقاقاتنا الدّستوريّة أوّلًا، لن يكون هناك مساعدات للبنان ولا إعادة إعمار.
وتطرّق مخزومي مع البطريرك الرّاعي إلى ملفّ النّازحين وكيفيّة تنظيم هذا الملفّ بما يساعد الأشخاص الّذين تركوا بلداتهم وأراضيهم ومنازلهم، إضافة إلى أهالي المناطق الّتي استقبلتهم بشكل يحافظ على بيئتنا ومجتمعنا والسّلم الأهليّ. وتوجّه مخزومي بالسّؤال إلى الحكومة حول آليّة توزيع المساعدات وما إذا كانت تصل إلى الأشخاص الّذين هم بحاجة إليها فعلًا وعبر قنوات موثوقة ومضمونة؟
وفي الإطار نفسه، ناقش مخزومي التّوجّه الّذي يقضي بإبقاء النّازحين في مدارس بيروت الرّسميّة وإرسال طلّاب هذه المدارس إلى مدارس أخرى خارج مناطقهم، وأكّد رفضه المطلق لهذا الطّرح الّذي يحمل في طيّاته خطّة لتهجير طلّاب بيروت، أسوة بالسّيناريو الّذي حصل في التّسعينيّات عندما هجر أهالي بيروت إلى خارج عاصمتهم.
كما تلقّى البطريرك بشارة الرّاعي اتّصالًا هاتفيًّا من وزير خارجيّة مصر بدر عبد العاطي الّذي وصل بالأمس في زيارة الى لبنان، معتذرًا عن عدم تمكّنه من الحضور إلى الصّرح البطريركيّ وناقلًا وقوف مصر إلى جانب الشّعب اللّبنانيّ، مُثنيًا على دور غبطته المهمّ وخاصة في موضوع انتخاب رئيس للجمهوريّة الّذي تمنّاه عبد العاطي أن يحصل سريعًا. بدوره شكر البطريرك الوزير على الدّعم والمساعدات الّتي تقدّمها مصر للشّعب اللّبنانيّ، وحمّله الشّكر إلى الرّئيس السّيسي وقداسة البابا تواضروس الثّاني، والشّيخ الأزهر.
وكان البطريرك قد استقبل الجنرال علي عوّاد، ووفدًا من جمعيّة يا عيني عالبلدي.