إلى إعادة اكتشاف وتخليد ذكرى شخثيّات الإيمان الاستثنائيّة الّتي ميّزت مسيرة المسيحيّة والرّوحانيّة المحلّيّة، دعا البابا فرنسيس كلّ كنيسة خاصّة وذلك في 9 ت2/ نوفمبر من كلّ عام، في عيد تدشين بازيليك مار يوحنّا المعمدان في اللّاتران- روما.
هذه الدّعوة تجلّت في رسالة أصدرها البابا عصر السّبت، كتب فيها بحسب “فاتيكان نيوز”: “في الرّسالة مع الإرشاد الرّسوليّ “إفرحوا وابتهجوا”، أردت أن أعيد طرح الدّعوة الشّاملة إلى القداسة على تلاميذ المسيح المؤمنين في العالم المعاصر. إنّها في محور تعليم المجمع الفاتيكانيّ الثّاني، الّذي ذكّر بأنّ “الدّعوة إلى كمالِ السّيرة المسيحيّة وكمال المحبّة، الموجّهة إلى جميع الّذين يؤمنون بالمسيح أيًّا كان وضعهم أو شكل حياتهم”. فالجميع إذن مدعوّون لكي يقبلوا محبّة الله الّتي “أفيضت في قلوبنا بالرّوح القدس”. إنّ القداسة، في الواقع، أكثر من كونها ثمرة جهد بشريّ، هي إفساح المجال لعمل الله.
يمكن للجميع أن يتعرّفوا في كثير من الأشخاص الّذين قابلوهم على طول المسيرة، على شهود للفضائل المسيحيّة، ولاسيّما فضائل الإيمان والرّجاء والمحبّة: أزواج عاشوا حبّهم بأمانة وانفتحوا على الحياة؛ رجال ونساء ساندوا عائلاتهم من خلال مهنهم المختلفة وتعاونوا في نشر ملكوت الله؛ مراهقون وشباب تبعوا يسوع بحماس؛ رعاة سكبوا من خلال خدمتهم مواهب النّعمة على شعب الله المقدّس؛ رهبان وراهبات كانوا بعيشهم للمشورات الإنجيليّة صورة حيّة للمسيح العريس. لا يمكننا أن ننسى الفقراء والمرضى والمتألّمين الّذين وجدوا في ضعفهم سندًا في المعلّم الإلهيّ. يتعلّق الأمر بتلك القداسة “اليوميّة” والّتي نجدها خلف “الباب المجاور لنا” الّتي لطالما كانت الكنيسة المنتشرة في العالم غنيّة بها.
نحن مدعوّون لكي نسمح بأن تلهمنا نماذج القداسة هذه، الّتي يبرز من بينها أوّلًا الشّهداء الّذين سفكوا دمهم في سبيل المسيح والّذين تمّ إعلان تطويبهم أو قداستهم لكونهم أمثلة للحياة المسيحيّة وشفعاء لنا. لنفكّر بعد ذلك في المكرّمين، رجال ونساء تمّ الاعتراف بممارستهم البطوليّة للفضيلة، والّذين جعلوا من حياتهم في ظروف فريدة قربان محبّة للرّبّ وللإخوة، وكذلك في خدّام الله الّذين تسير الآن دعاوى تطويبهم وتقديسهم. إنّ هذه العمليّات تُظهر مدى حضور شهادة القداسة أيضًا في عصرنا هذا، الّذي يسطع فيه كالنّجوم شهود الإيمان العظماء، الّذين طبعوا خبرة الكنائس الخاصّة، وخصّبوا التّاريخ في الوقت عينه. جميعهم هم أصدقاؤنا ورفاقنا في المسيرة، ويساعدوننا على تحقيق دعوة المعموديّة بملئها ويظهرون الوجه الأجمل للكنيسة الّتي هي مقدّسة وأمّ القدّيسين.
في سياق السّنة اللّيتورجيّة، تكرّم الكنيسة علنًا في تواريخ وبطرق محدّدة مسبقًا القدّيسين والطّوباويّين. ومع ذلك، يبدو لي أنّه من المهمّ أن تحيي جميع الكنائس الخاصّة ذكرى القدّيسين والطّوباويّين في تاريخ واحد، وكذلك المكرّمين وخدّام الله في مناطقهم. لا يتعلّق الأمر بإدراج تذكار جديد في التّقويم اللّيتورجيّ، وإنّما بتعزيز بواسطة مبادرات مناسبة خارج اللّيتورجيا، أو بالتّذكير في داخلها، على سبيل المثال في العظة أو في وقت آخر مناسب، تلك الشّخصيّات الّتي ميّزت المسيرة المسيحيّة والرّوحانيّة المحلّيّة. لذلك، أحثّ الكنائس الخاصّة، بدءًا من اليوبيل القادم لعام ٢٠٢٥، على تذكّر وتكريم هذه هؤلاء القدّيسين كلّ عام في ٩ من تشرين الثّاني نوفمبر، عيد تدشين بازيليك القدّيس يوحنّا المعمدان في اللّاتران بروما. هذا الأمر سيسمح للجماعات الأبرشيّة الفرديّة بإعادة اكتشاف أو تخليد ذكرى تلاميذ المسيح الاستثنائيّين الّذين تركوا علامة حيّة لحضور الرّبّ القائم من الموت، ولا يزالون اليوم أيضًا مرشدين آمنين في مسيرتنا المشتركة نحو الله، يحموننا ويدعموننا. ولهذه الغاية، يمكن لمجالس الأساقفة أن تقترح إرشادات وخطوط رعويّة وتعمل عليها.
ليحثّنا القدّيسون، الّذين تسطع فيهم عجائب النّعمة الإلهيّة المتعدّدة الأشكال على شركة أكثر حميميّة مع الله ويلهموننا الرّغبة في المدينة المستقبليّة لكي ننشد معهم تسابيح العليّ.”