23 ديسمبر 2024
الفاتيكان

هل يسوع هو “ملكي” أم في قلبي ملك آخر؟ 

دعا البابا فرنسيس المؤمنين الّذين احتشدوا لتلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، في ساحة القدّيس بطرس، ليسألوا أنفسهم هذا السّؤال، وهل يرون فيه وجه الله الرّحيم؟ مؤكّدًا لهم أنّه يغفر على الدّوام. 

وفي هذا السّياق، قال البابا بحسب “فاتيكان نيوز”: “يقدّم لنا الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجية اليوم يسوع أمام بيلاطس البنطيّ: لقد سُلِّم إلى الوالي الرّومانيّ ليحكم عليه بالموت. ولكن يبدأ حوار قصير بين الاثنين. من خلال أسئلة بيلاطس وإجابات الرّبّ، تتحوّل كلمتان بشكل خاصّ، وتكتسبان معنى جديدًا: كلمة “ملك” وكلمة “عالم”. 

في البداية، سأل بيلاطس يسوع: “أَأَنتَ مَلِكُ اليَهود؟”. وإنطلاقًا من كونه مسؤولًا في الإمبراطوريّة، أراد أن يفهم ما إذا كان الرّجل الّذي أمامه يشكّل تهديدًا، والملك بالنّسبة إليه هو السّلطة الّتي تحكم على جميع رعاياها. ردًّا على ذلك، أكّد يسوع أنّه ملك، نعم، ولكن بطريقة مختلفة تمامًا! يسوع هو ملك بقدر ما هو شاهد: إنّه الّذي يتكلّم بالحقّ. إنّ قوّة يسوع الملكيّة، الكلمة المتجسّد، تكمن في كلمته الحقيقيّة والفعّالة الّتي تحوّل العالم. 

يقول العالم: ها هي اللّحظة الثّانية. إنَّ “عالم” بيلاطس البنطيّ هو ذلك العالم الّذي ينتصر فيه القويّ على الضّعيف، والغنيّ على الفقير، والعنيف على الوديع. عالم للأسف نعرفه جيّدًا. يسوع هو ملك، ولكن مملكته ليست من هذا العالم. إنَّ عالم يسوع في الواقع هو العالم الجديد، العالم الأبديّ الّذي يهيّئه الله للجميع إذ يبذل حياته من أجل خلاصنا. إنّه ملكوت السّماوات الّذي حمله المسيح إلى الأرض إذ أفاض النّعمة والحقّ. إنَّ العالم الّذي يسوع هو ملكه، يفتدي الخليقة الّتي أفسدها الشّرّ بقوّة المحبّة الإلهيّة، لأنّ يسوع يحرّر ويغفر، ويمنح السّلام والعدالة. قد يسألني أحدكم: “ولكن هل هذا صحيح يا أبتي؟”- “نعم. كيف حال روحك؟ هل هناك أيّ شيء ثقيل فيها؟ خطيئة قديمة؟ إنَّ يسوع يغفر على الدّوام. يسوع لا يتعب من المغفرة. هذا هو ملكوت يسوع. إذا كان هناك شيء سيّء في داخلك، أطلب المغفرة. وهو يغفر على الدّوام. 

أيّها الإخوة والأخوات، لقد تكلّم يسوع مع بيلاطس من مسافة قريبة جدًّا، ولكنّ بيلاطس بقي بعيدًا عنه، ولم ينفتح على الحقيقة على الرّغم من أنّها كانت أمامه. لقد أمر بصلب يسوع، وأمر بأن يُكتب على الصّليب: “ملك اليهود”، ولكن بدون أن يفهم معنى تلك الكلمات. ومع ذلك جاء المسيح إلى العالم، إلى عالمنا: فمن كان من الحقّ يصغي إلى صوته. إنّه صوت ملك الكون، الّذي يخلّصنا. 

أيّها الإخوة والأخوات، إنّ الإصغاء إلى الرّبّ يبعث النّور في قلوبنا وفي حياتنا. لنحاول إذن أن نسأل أنفسنا: هل يمكنني أن أقول إنّ يسوع هو “ملكي” أم في قلبي ملك آخر؟ بأيّ معنى؟ هل كلمته هي مرشدي ويقيني؟ هل أرى فيه وجه الله الرّحيم الّذي يغفر على الدّوام وينتظرنا لكي يعطينا مغفرته؟ لنصلِّ معًا إلى العذراء مريم، خادمة الرّبّ، فيما ننتظر برجاء ملكوت الله”.