23 ديسمبر 2024
سوريا

أفرام الثّاني قطع زيارته إلى الهند وعقد اجتماعًا طارئًا في دمشق

بعد أن قطع زيارته إلى الهند، اجتمع بطريرك السّريان الأرثوذكس مار إغناطيوس أفرام الثّاني في دمشق، بمطارنة أبرشيّات كنيسته في سوريا ومطارنة الدّوائر البطريركيّة، للوقوف على آخر التّطوّرات.

وفي ختام الاجتماع، صدر البيان التّالي:

“”لَا تَقْلَقُوا مِنْ جِهَةِ أَيِّ شَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ أَمْرٍ لِتَكُنْ طِلْبَاتُكُمْ مَعْرُوفَةً لَدَى اللهِ، بِالصَّلاةِ وَالدُّعَاءِ، مَعَ الشُّكْرِ. وَسَلامُ اللهِ، الَّذِي تَعْجَزُ الْعُقُولُ عَنْ إِدْرَاكِهِ، يَحْرُسُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ “(فِيلِبِّي ٤:‏٦-‏٧).

دعا قداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثّاني فور عودته إلى مقرّ الكرسيّ الرّسوليّ في دمشق، بعد أن قطع زيارته الرّسوليّة للكنيسة في الهند، أصحاب النيافة مطارنة الأبرشيّات السّريانيّة الأرثوذكسية في سورية ومطارنة الدّوائر البطريركيّة للاجتماع وذلك مساء يوم الخميس 12 كانون الأوّل 2024 عبر برنامج الزّووم، للوقوف على آخر التّطوّرات والتّغيّرات الّتي تعيشها بلادنا سورية هذه الأيّام. وبعد الصّلاة والتّضرّع إلى الرّبّ من أجل سلام سورية وجميع أبنائها، تبادل المجتمعون الحديث حول الوضع الأمنيّ في البلاد، ونتائج اللّقاءات الّتي قام بها أصحاب النّيافة المطارنة في دمشق وحمص وحلب وأيضًا الآباء الكهنة في مختلف الرّعايا مع من يمثّل قيادة الثّورة السّوريّة من سياسيّين وعسكريّين ورجال دين وغيرهم.

أكّد الجميع أنّ الغرض من هذه اللّقاءات هو إرسال رسائل الاطمئنان في ما يتعلّق بالجوانب الأمنيّة والمعيشيّة من قبل قيادة الثّورة السّوريّة للمسيحيّين الّذين هم مكوّن أساسيّ من الشّعب السّوريّ الحبيب.

وأكّد قداسته خلال الاجتماع على أهمّيّة استمرار هذه اللّقاءات الّتي تهدف إلى تأمين السّلم الأهليّ لكلّ مكوّنات الشّعب السّوريّ في كلّ المناطق والتّعاون مع القائمين على إدارة البلاد لما فيه خير الوطن وشعبه، موضحًا أنّ تعاون الكنيسة مع السّلطات المدنيّة والإداريّة على اختلافها، وعبر العصور، منبثق من الوصيّة الإنجيليّة: “أَكْرِمُوا الْجَمِيعَ. أَحِبُّوا الإِخْوَةَ. خَافُوا اللهَ. أَكْرِمُوا الْمَلِكَ” (1 بطرس 2: 17). إنّ إعطاء الكرامة والتّعاون مع السّلطات في المفهوم المسيحيّ يُبنَيان على أساس مخافة الله، والّتي هي سرّ الازدهار واستمراره لكلّ إنسان ولكلّ الأوطان، والّذي يُمارَس بعمل المحبّة وتقديم الخير للجميع على حدّ سواء، مؤكّدًا أنّ الكنيسة تقف أمام تطوّرات هذه الأيّام الّتي كشفت عن حجم الاستبداد وأزاحت عتمة الظّلم عن عيون أبناء هذا الوطن الشّرفاء، شاكرًا الله من أجل سلامة كلّ الّذين أبصرت أعينهم النّور من رحم ظلمة المعتقلات كأنّهم ولدوا من جديد، وطالبًا الرّحمة لمن فقد حياته منهم.

كما سلّط قداسته الضّوء على قضيّة مطراني حلب المختطفين، بولس يازجي ومار غريغوريوس يوحنّا إبراهيم، حيث أولى جميع الآباء أهمّيّة كبيرة لما يتمّ تداوله بخصوص العثور عليهما، وقد وجّه قداسته الآباء بمتابعة هذه القضيّة مع الجهات المختصّة، على أمل الوصول للحقيقة وإزالة السّتار عن سرّ اختفائهما.

وكنتيجة لهذا اللّقاء الموسّع يتوجه قداسة البطريرك مع السّادة المطارنة بالصّلاة والمحبّة إلى جميع أبناء الكنيسة السّريانيّة الأرثوذكسيّة في سورية من مقيمين ومغتربين مؤكّدين على النّقاط التّالية:

1ـ حثّ أبناء الكنيسة على المواظبة على الصّلاة والصّوم لاستمداد السّلام من سيّد وملك السّلام، فهما من أهمّ الوسائل الرّوحيّة الّتي تزرع الطّمأنينة في قلب المؤمن، وتقوده إلى التّفكير بحكمة.

2ـ تثير هذه المرحلة الحسّاسة من تاريخ وطننا سورية تساؤلات كثيرة وخطيرة لدى أبناء الوطن عامّة، ولدى الكنيسة المسيحيّة وأبنائها في سورية خاصّة، تحتاج إلى إجابات رسميّة من قبل القائمين على إدارة البلاد، في ما يخصّ وجودهم ومستقبلهم وحرّيّاتهم الدّينيّة وممارسة شعائرهم، وكذلك حقوقهم الدّستوريّة والمدنيّة والقانونيّة في إدارة أوقافهم ومؤسّساتهم التّربويّة والصّحّيّة والاجتماعيّة وتطبيق قانون الأحوال الشّخصيّة الخاصّ بهم الّتي لطالما تمتّعوا بها في ظلّ خصوصيّة التّعامل مع الكنائس. وتؤكّد الكنيسة وقوفها إلى جانب أبنائها في هذه المرحلة كما في كلّ وقت، ولن تدّخر جهدًا في دعمهم، ولن تقبل أيّ شكل من أشكال الإساءة إليهم أو المساس بحقوقهم. وتدعو الكنيسة الهيئات المدنيّة والدّوليّة إلى متابعة هذه الإجراءات والمراحل الّتي تؤسّس لسورية الجديدة. وفي الوقت نفسه، تقف الكنيسة منفتحة على كلّ السّوريّين الشّرفاء ومتعاونة مع السّاعين إلى خير البلاد، وتبسط يدها للجميع للمساهمة في إعادة بناء سورية.

3ـ المطالبة بتثبيت حقوق الإثنيّات المختلفة الّتي تشكّل نسيج المجتمع السّوريّ في الدّستور الجديد بشكل يحفظ هويّتهم القوميّة ولغاتهم المختلفة، ممّا يزيد بلدنا قوّة واستقرارًا أمام التّحدّيات، ويقدّم صورة حضاريّة عن سورية.

4ـ تشجيع الّذين يخدمون في قطاعَيْ الشّرطة والجيش على الاستفادة من التّسوية الّتي أعلنت عنها القيادة العامّة.

5ـ تشجيع كلّ من يرغب من أبناء الكنيسة بالانخراط في الشّأن العام مدنيًّا وسياسيًّا لتفعيل دورهم المهمّ في التّأكيد على الوجود المسيحيّ الفاعل في خدمة المجتمع والوطن.

6ـ التّأكيد على دور الجمعيّات الخيريّة والمؤسّسات السّريانيّة في سورية في خدمة جميع أبناء الوطن والتّعاون من أجل بنيانه.

7- ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السّوريّة وسلامتها وحفظ أمن سكّانها، مؤكّدين على أنّ الجزيرة السّوريّة العزيزة والجولان الغالي هما جزء لا يتجزّأ من سورية، كما ندين الخروقات الإسرائيليّة المتكرّرة للسّيادة السّوريّة.

8ـ تقديم الشّكر الجزيل لأبناء الكنيسة السّريانيّة المقيمين في الخارج على محبّتهم الكبيرة لسورية ودعمهم المستمرّ لإخوتهم السّوريّين طيلة فترة الأزمة والحرب.

9ـ دعوة الحكومات والمجتمع الدّوليّ للوقوف على الوضع الإنسانيّ في سورية وضرورة العمل على رفع العقوبات، البدء بدعم إعادة الإعمار في سورية وعودة اللّاجئين.

أخيرًا، فيما نقترب من الاحتفال بعيد ميلاد السّيّد المسيح رئيس السّلام ونبع الرّجاء، نتطلّع إلى مستقبل زاهر بعيون يملؤها الأمل بسلام دائم تنعم به هذه البلاد المباركة، وحياة كريمة قوامها العدل والمساواة للجميع، متضرّعين إلى الرّبّ الإله أن يحفظ بلدنا سورية وشعبها الصّابر، ويمنّ عليه بالخير والبركات، بشفاعة أمّنا العذراء مريم وجميع القدّيسين، آمين”.