ترأّس البطريرك المارونيّ الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي القدّاس الإلهيّ في الصّرح البطريركيّ في بكركي في أحد زيارة مريم لإليصابات. وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس ألقى عظة بعنوان “قامت مريم وذهبت مسرعة إلى بيت اليصابات” (لو 1: 39-40)، قال فيها بحسب ما أورد الموقع الرسميّ للبطريركيّة المارونيّة:
“حالًا بعد بشارة الملاك لمريم، وقد أعلمَها بأنّ إليصابات نسيبتها حامل في شيخوختها وهي في شهرها السّادس، سافرت مُسرعةً من النّاصرة إلى بيت كارم، لتخدمَ إليصابات على مدى ثلاثة أشهر، ولكي تتأمّل معها في سرّ ما أوحى الله لهما، ولكي ترفعا معًا نشيد المجد والتّسبيح لله.
تحتفل الكنيسة اليوم ليتوجيًّا بعيد زيارة مريم لإليصابات المنتظرة ولدًا، بعد أن تقدّمت بالسّنّ وكانت عاقرًا، وولدها هو يوحنّا السّابق والمعمّد. ونحتفل عالميًّا باليوم العالميّ للأشخاص ذوي الإعاقة، وهذا اليوم يُحتفل به في الثّالث من شهر كانون الأوّل. وقد وجّه في المناسبة الأمين العام لمنظّمة الأمم المتّحدة السّيّد أنطونيو غوتيريش رسالة بموضوع اليوم العالميّ: “تعزيز قيادة الأشخاص ذوي الإعاقة لمستقبل شامل ومستدام”. أمّا شعار هذا اليوم فهو: “لا شيء عنّا بدوننا”.
يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا في هذه اللّيتورجيا الإلهيّة. وأوجّه تحيّة إلى مكتب “راعويّة ذوي الإعاقة” في الدّائرة البطريركيّة، بتنسيق المرنّمة داليا فريفر وفريق العمل ومرشد المكتب الأب ميلاد سقيّم المرسل اللّبنانيّ، شاكرًا إيّاهم على تنظيم هذا القدّاس. وأوجّه أيضًا تحيّة خاصّة للجمعيّات التي تعنى بذوي الإعاقة، وأرحبّ بجميع الحاضرين معنا.
نشكر الله على القرار الأميركيّ-الفرنسيّ بوقف إطلاق النّار بين إسرائيل ولبنان لمدّة 60 يومًا، ونحن نأمل أن يصبح سلامًا دائمًا. ونخصّ بالشّكر كلّ الذين عملوا لبنانيًّا ودوليًّا من أجل وقف النّار هذا. ونهنّئ سكّان ضاحية بيروت وصور والجنوب وبعلبك وسواها الذين عادوا على الفور إلى بيوتهم ومناطقهم، وفي قلوبهم غصّة كبيرة على الذين قُتلوا من عائلاتهم، والذين دُمّرت بيوتهم. ونشكر كلّ الذين استقبلوهم في مناطقهم وسهّلوا لهم إقامتهم. ونعبّر عن امتنانًا للدوّل الشّقيقة والصّديقة على تضامنهم وإرسالهم المساعدات اللّازمة، وللمؤسّسات الخيريّة التي تفانت في خدمتهم، وللجيش اللّبنانيّ الذّي ضحّى ببعض عناصره، الدّفاع المدنيّ على حضوره ومواجهة النّار وقد خسر بعضًا من عناصره.
ونأمل أن يتمكّن لبنان وإسرائيل من تنفيذ نصّ “وقف الأعمال العدائيّة” ببنوده الثّلاثة عشر التي تشكّل التّفاهمات بين إسرائيل ولبنان والتي حدّدتها الولايات المتّحدة الأميريكيّة لتنفيذ هذه البنود كاملة بنصّها وروحها. فنرجو أن تسلم الأوضاع في كلّ من اسرائيل ولبنان، ويعيشا بسلام وفقًا لهدنة 1949.
عيد زيارة العذراء مريم لإليصابات هو بشرى الإنجيل التي حملتها مريم لتشرك بها إليصابات، ولتخدمها طيلة ثلاثة أشهر حتّى مولد يوحنّا. وهكذا جعلت خبر الإنجيل المفرح مترجمًا في الخدمة.
كتب قداسة البابا فرنسيس في الإرشاد الرّسوليّ “فرح الإنجيل” (4، تشرين الثّاني 2013): “فرح الإنجيل، الذي يملأ قلب وحياة جميع الذين يلتقون يسوع، هو فرح إرساليّ” (فقرة 1 و 21). ويخصّ الشّعب كلّه، ولا يُمكن أن يُقصى أحدٌ عنه. هذا ما أعلنه الملاك لرُعاة بيت لحم: “أبشّركم بفرح عظيم، يكون للشّعب كلّه” (لو 2: 10). وهذا ما رآه يوحنّا في رؤياه: “ورأيتُ ملاكًا طائرً في كبد السّماء، ومعه الإنجيل الأبديّ ليبشّر به القاطنين في الأرض، وكلّ أمّة وقبيلة ولسان وشعب” (رؤ 14: 6). هكذا فعلَ الرّبّ يسوع وهو “يطوف المدن كلّها والقرى يُعلّم في مجامعهم، ويكرز بإنجيل الملكوت، ويشفي الشّعب من كلّ مرض وكلّ علّة” (متّى 9: 35).
ويكتب البابا فرنسيس: “من الحيويّ اليوم أن تخرج الكنيسة لتبشّر الجميع بالإنجيل، في كلّ مكان، وفي كلّ المناسبات، بدون تردّد ولا قنوط ولا خوف … “الكنيسة المنطلقة” هي جماعة التّلاميذ الـمُرسلين الذين يأخذون المبادرة ويلتزمون ويُرافقون ويأتون بالثّمار” (فرج الإنجيل، 23 و24). رسالتهم أن يزرعوا فرح المسيح في قلوب جميع النّاس.
بنتيجة زيارة مريم لإليصابات، كانت ثمار روحيّة وافرة هي: إمتلاء اليصابات والجنين يوحنّا في بطنها من الرّوح القدس؛ هُتاف إليصابات النّبَويّ المثلّث: إذ حيّت مريم “مباركة بين النّساء ومباركة ثمرة بطنها”، وحيّتها “كأمّ ربّها”؛ وعظمت إيمانها بالقول: “طوبى لتلك التي آمنَت” (راجع لو 1: 41-45).
بالعودة إلى اليوم العالميّ للأشخاص ذوي الإعاقة، نقرأ في رسالة الأمين العام للأمم المتّحدة: يذكِّرنا الاحتفال باليوم الدّوليّ للأشخاص ذوي الإعاقة هذا العام بأنّنا بحاجة إلى الرّوح القياديّة للأشخاص ذوي الإعاقة أكثر من أيّ وقت مضى. هؤلاء والأشخاص يتحمّلون فعليًّا وبشكل غير متناسب وطأة الأزمات التي تعصف بعالمنا – من نزاعات وكوارث مناخيّة وفقر ولامساواة – بسبب استمرار التّمييز والحواجز التي تحول دون حصولهم على الحقوق والخدمات الأساسيّة”
ولا بدّ من التّنويه بما قام به مكتب راعويّة ذوي الإعاقة في الدّائرة البطريركيّة من نشاطات مشكورة منذ تأسيسه في شهر شباط الماضي حتّى اليوم، ولكلّ نشاط عنوان مثل: معًا نسير، معًا نشهد، معًا نبني، معًا نتشارك، معًا نفرح، عينك عا وطنّا، معًا نصلّي في قدّاس اليوم، معًا نناضل في محطّة تلفزيونيّة مع نورسات يوم الثلاثاء المقبل وهو اليوم العالميّ للأشخاص ذوي الإعاقة.
فلنصلِّ اليوم، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء، شاكرين الله، على “وقف الأعمال العدائيّة بين إسرائيل ولبنان” راجين من العناية الإلهيّة جعله وقفًا دائمًا يحلّ معه سلام دائم وشامل وعادل، ونسأل الله أن يبارك الأشخاص ذوي الإعاقة ويومهم العالميّ، وأن يكلّله بالنّجاح. ونلتمس أن تكون زيارة العذراء مريم لإليصابات زيارةً الكلّ بيت وعائلة وللبنان، بحيث ينعم بالفرح وبحضور الرّوح القدس، له المجد والشّكر الآن وإلى الأبد، آمين.”