شبّه رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم المسيحيّين في لبنان والشّرق الأوسط بالقدّيسة بربارة، خلال قدّاس عيدها في كنيستها زحلة.
ودعا ابراهبم في عظته المسيحيّين إلى تقديم صلواتهم وأعمالهم من أجل السّلام وازدهاره، وقال:
“أحيّيكم وأحيّي قدس الأب جاورجيوس شبوع، كاهن هذه الرّعيّة المباركة، على نشاطه وتفانيه في خدمتها، وأتمنّى لكم وله دوام القوّة والنِّعم.
ونحنُ إذ نلتقي اليوم في هذه الكنيسة العريقة لنحتفل معًا بالذّبيحة الإلهيّة في ظلّ بهائها، نطلب بركة الرّبّ ونستذكر معكم سيرة شفيعتكم القدّيسة بربارة، الّتي كانت نموذجًا في الإيمان والشّجاعة والثّبات في وجه التّجارب.
إنّ القدّيسة بربارة عاشت في عصر مليء بالاضطهاد والظّلم. عندما اختارت الإيمان بالمسيح، لم يثنها بطش البرابرة ولا تهديداتهم. لقد دمّروها جسديًّا، لكن روحها بقيت صامدة وقويّة. أمام تهديد الموت، لم تهتزّ بربارة، بل واجهته بإيمان عظيم. لقد أدركت أنّ حياتها الأرضيّة ليست سوى مرحلة عابرة، وأنّها ستنال الحياة الأبديّة مع المسيح. إستشهدت على يد والدها نفسِه، الّذي قُتل لاحقًا بضربة صاعقة من السّماء، علامةً على عدالة الله: من يأخذنا اليوم بالسّيف فإنّه بالسّيف سيؤخذ. وشجاعة بربارة هي دعوة لنا نحن المسيحيّين لنتمثّل بها، فنحن أيضًا نعيش في منطقة تعصف بها الصّراعات والحروب والانقسامات. القدّيسة بربارة تعلّمنا أنّ الحياة في المسيح تعني التّمسّك بالإيمان مهما اشتدّت التّجارب.
أيّها الأحبّة، نحن كمسيحيّين في لبنان وفي الشّرق عامّةً نشبه القدّيسة بربارة في معاناتها. نواجه اليوم تحدّيات جسيمة تهدّد وجودنا وهويّتنا. نشهد دمارًا وانقسامات في منطقتنا، كما واجهت بربارة برابرة أرادوا أن يطمسوا إيمانها.
لكن، علينا أن نستمدّ القوّة من مثالها، فكما كانت بربارة نورًا مشعًّا في الظّلام، نحن أيضًا مدعوّون لنكون شهودًا حقيقيّين للمسيح في هذه الأرض المباركة.
عندما نرى لبنان الحبيب ومدينتنا الغالية زحلة يعانيان من أزمات، قد نشعر بالإحباط. لكن، إيماننا المسيحيّ يعلّمنا أنّ الرّبّ يسير معنا في وسط العواصف. علينا أن نبقى ثابتين في إيماننا، متّكلين على عناية الله الّتي لا تخذلنا أبدًا.
أيّها الأحبّة، كما أنّ القدّيسة بربارة قدّمت حياتها ذبيحة حبّ للمسيح، نحن أيضًا مدعوّون لتقديم صلواتنا وأعمالنا من أجل سلام بلدنا وازدهاره. لنرفع قلوبنا في هذه الذّبيحة الإلهيّة ونتضرّع إلى الله أن يصون لبنان، ويحمي أبرشيّتنا الحبيبّة وبقاعنا العزيز، ويمنحنا القوّة لنكون علامة رجاء وسلام في هذا العالم.
أيّها الأحبّة، رغم الصّعوبات والتّحدّيات الّتي نعيشها، يدعونا إيماننا المسيحيّ لننظر إلى الأمام بأمل ورجاء. كما أشرق نور المسيح في حياة القدّيسة بربارة رغم العتمة الّتي أحاطت بها، هكذا سيشرق نور الله في حياتنا وفي وطننا.
لنؤمن بأنّ الغد يحمل لنا وعدًا جديدًا، بأنّ الرّبّ لن يترك شعبه، وبأنّ لبنان، رغم كلّ ما يعانيه، سيقوم من كبوته بقوّة أبنائه المخلّصين وببركة الله. فلنحمل هذا الأمل في قلوبنا ولنزرعه في حياة أولادنا، لأنّ إيماننا بالمسيح هو ضمانة لغد أفضل، ولأنّ محبّتنا لأرضنا تجعلنا نعمل بلا كلل لتحصين إيماننا ونهضة كنيستنا وصحوة وطننا الحبيب من كبوة الأسقام.
نرفع صلواتنا معًا، واثقين أنّ من يحمل الإيمان في قلبه، لا يعرف اليأس. آمين.”