“نحن نرجو دائمًا أن تلوح بوادر السّلام. ونحن سعداء بأنّ هناك أخيرًا فرصة للقاء مباشر. نأمل أن تُفكّ العقد القائمة، ويُفتح طريق فعليّ نحو السّلام”.
هذا ما تمنّاه أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، عشيّة انعقاد قمّة إسطنبول المرتقبة والّتي من المنتظر أن تجمع رئيسي روسيا وأوكرانيا في مفاوضات مباشرة تهدف إلى التّوصّل إلى وقف لإطلاق النّار.
بارولين، وفي أوّل تصريح له بعد الكونكلاف، على هامش مشاركته في لقاء بعنوان “نحو لاهوت الرّجاء من أجل أوكرانيا ومن قلبها”، والّذي يُعقد برعاية كنيسة الرّوم الكاثوليك الأوكرانيّة، عبّر عن آمال الكرسيّ الرّسوليّ في هذه المحادثات المباشرة الّتي تجري بوساطة أميركيّة، لافتًا إلى أنّه “من المبكر التّكهّن بنتائج هذه المحادثات”، آملًا في أن تكون إسطنبول “نقطة انطلاق جادّة لإنهاء الحرب”.
وفي إجابته على سؤال حول إمكانيّة زيارة البابا لاون الرّابع عشر إلى أوكرانيا، أشار بارولين إلى أنّ الحديث عن ذلك لا يزال “سابقًا لأوانه”، رغم الدّعوة الّتي وجّهها له الرّئيس زيلينسكي هاتفيًّا صباح الإثنين. وأكّد أنّ البابا، الّذي أطلق نداءات قويّة من أجل الشّعوب المتألّمة “سيواصل تجديد دعوته لوقف الحرب، كما فعل مرارًا منذ بداية حبريّته”.
وأضاف بحسب “فاتيكان نيوز”: “نحن دائمًا على استعداد لتوفير فسحات، ولو لم يكن من باب الوساطة بالمعنى الصّريح، فعلى الأقلّ من خلال تقديم تسهيلات وتقريب وجهات النّظر”، مشيرًا إلى أنّ الكرسيّ الرّسوليّ لا يرغب في التّدخّل في المبادرات الأخرى الجارية، وأنّ موقفه هو السّعي إلى التّقريب بين الأطراف لا إلى تعميق الانقسامات.
وعن آليّة إعادة الأطفال الأوكرانيّين المرحّلين إلى روسيا، أكّد أنّها لا تزال فاعلة، وقد أُعيد عدد منهم إلى ديارهم بفضل جهود بعثة الكاردينال ماتيو زوبّي، وذلك عبر تبادل الأسماء من خلال السّفارات البابويّة، ثمّ التّحقّق على الأرض، ومن ثمّ اتّخاذ الإجراءات اللّازمة. وأشار إلى أنّ أعداد هؤلاء الأطفال “محلّ جدل واسع”، لكن الأهمّ، بحسب تعبيره، “أن يعودوا تدريجيًّا إلى عائلاتهم وبيوتهم وأحبّائهم”.
ومن جهة ثانية، أكّد بارولين على أنّ البابا والكرسيّ الرّسوليّ سيسلكان نفس النّهج الّذي تبنّاه البابا فرنسيس وفي ما يتعلّق بالشّرق الأوسط، والقائم على الدّعوة الدّائمة إلى “وقف الحرب في غزّة”، و”إطلاق سراح الرّهائن”، و”ضمان وصول المساعدات الإنسانيّة”، مؤكّدًا أنّ تلك النّقاط تمّت مناقشتها في الاجتماعات العامّة قبل الكونكلاف، مرفقة “بقلق بالغ من تفريغ الشّرق الأوسط من مسيحيّيه”، ما يستدعي”إيجاد حلول لهذه المعضلة الكبيرة”.
هذا ولم يجب بارولين عن أسئلة خاصّة بالكونكلاف، بل أضاء على شخصيّة البابا الجديد الّذي “قدّم نفسه بهدوء كبير”، قائلًا عنه: “إنّه رجل سلام، يريد السّلام، وسيبنيه من خلال الجسور الّتي أشار إليها منذ كلماته الأولى إلى المؤمنين”.
وعن وجهة الزّيارة الرّسوليّة الأولى للبابا لاون، أجاب الكاردينال بارولين: “أفكّر في نيقية”، وأضاف: “إنّه موعد مهمّ بالنّسبة للكنيسة الكاثوليكيّة، وله بُعد مسكونيّ كبير. وكان من المقرّر أصلًا أن يذهب إليه البابا فرنسيس، وأتوقّع أن يسير البابا لاون على الدّرب نفسه”.