في بداية السّنة الطّقسيّة الجديدة، وجّه رئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف رسالة إلى أبنائه، بعنوان “وأنادي بسنة مقبولة لدى الرّبّ” (لو 4: 19)، كتب فيها:
“أحيّيكم في بداية هذه السّنة الطّقسيّة المباركة، والّتي نرغب في أن نعيشها، مع الكنيسة الجامعة، سنة يوبيليّة مقدّسة، فيها يدعونا قداسة البابا فرنسيس، إلى أن نبقي الرّجاء حيًّا فينا لأنّ “الرّجاء لا يخيّب” (رومانيّين 5: 5).
كم نحن بحاجة أيّها الإخوة، في هذه الظّروف القاسية والمحنة الشّديدة الّتي يعبر بها بلدنا، لنجدّد ثقتنا بالرّبّ يسوع الّذي “هو رجاؤنا” (1 تيم 1:1)، ونعمل على نشر فرح الخلاص، وهذا هو معنى كلمة “يوبيل”، في كلّ زمان ومكان، وذلك على الرّغم من كلّ علامات الحزن والموت الّتي تحيط بنا. نحن “أبناء الرّجاء”، ولا يجوز أبدًا أن نستسلم لمشاعر الإحباط واليأس، لأنّنا بذلك “نحزن روح الله القدّوس الّذي به خُتمنا ليوم الفداء” (أفسس 4: 30).
لقد اخترنا عنوانًا عامًّا للتّأمّل والصّلاة والعمل والرّسالة، لهذه السّنة في أبرشيّتنا، كلام الرّبّ يسوع في مجمع النّاصرة: “وأنادي بسنة مقبولة لدى الرّبّ” (لوقا 4: 19)، وفيه يرسم لنا الطّريق الأمثل لعيش يوبيل الخلاص، ويدعونا لنجعل من بيوتنا ورعايانا وأديارنا ومؤسّساتنا علامات رجاء في الزّمن الصّعب، فيها نختبر فرح العطاء، وسخاء المحبّة، وصلابة الإيمان. جميعنا مدعوّون لتبنّي الموقف الإنسانيّ والرّوحيّ الأمثل، الّذي يتجاوب مع دعوتنا كمؤمنين بيسوع ربًّا وفاديًا ومخلّصًا للجنس البشريّ بأسره، فنجتهد في أن نساعد كلّ إنسان على أن يختبر، في هذه السّنة، الفرح الحقيقيّ، النّابع من كلام الرّبّ ومن سرّ محبّته العظمى. فمن غير المقبول، في أيّامنا، أن يبقى إنسان، أيّ إنسان، مهمّشًا أو متروكًا أو حزينًا أو وحيدًا.
نعم أيّها الأحبّة، لنسمع صوت الرّبّ يقول لنا: “كلّما صنعتم شيئًا من ذلك لواحد من إخوتي هؤلاء الصّغار، فلي قد صنعتموه” (متّى 25: 40). هذه هي السّنة المقبولة لدى لرّبّ، وهذا هو الوقت المؤات لنشهد من جديد لمحبّة المسيح وخلاصه، هو الّذي ملأ تاريخنا البشريّ بحضوره الإلهيّ، وقدّس زمن حياتنا بروحه القدّوس. أدعو كلّ أبناء الأبرشيّة، كهنة وعلمانيّين ومكرّسين، إلى أن ينظّموا، خلال هذه السّنة، نشاطات ومبادرات ورسالات، تجسّد روح اليوبيل الحقيقيّة.
في السّادس والعشرين من شهر كانون الأوّل 2024، سيفتح الأب الأقدس باب اليوبيل، “الباب المقدّس” في بازيليك القدّيس بطرس في روما، وهو كان قد دعا أساقفة الكنيسة الكاثوليكيّة كلّها إلى أن يفتح كلّ منهم بابًا مقدّسًا في أبرشيّته، وهو ما سنقوم به في أبرشيّتنا. يرمز الباب المقدّس إلى الغفران والمسامحة، اللّذين نحن مدعوّين إلى أن نعيشهما، بشكل خاصّ، في هذه السّنة، فنعمل على فكّ أسرنا من الخطيئة والشّرّ بالتّوبة الملائمة، وعلى ملء قلوبنا من روح المسامحة والغفران تجاه كلّ أحد، وعلى نشر ثقافة السّلام والحوار.
أصلّي معكم لتعبر هذه الأيّام الصّعبة، وتنتهي كلّ الحروب والعنف، ويعود الفرح من جديد إلى أرضنا والعالم. أتمنّى لكم جميعًا مسيرة مقدّسة ومباركة، برفقة العذراء مريم، والقدّيسين الشّهداء المسابكيّين، والطّوباويّ البطريرك إسطفان الدّويهيّ وجميع القدّيسين.”