إستقبل البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الرّاعي، قبل ظهر الثّلاثاء في الصّرح البطريركيّ في بكركي وفدًا من لقاء التّجدّد الوطنيّ برئاسة شارل عربيد الّذي شدّد بعد اللّقاء على ضرورة وقف إطلاق النّار.
وأشار عربيد إلى أنّ “ما يهمّنا هو ما سيأتي بعد ذلك بالنّسبة للواقع الاقتصاديّ والاجتماعيّ الّذي هو الأساس”، واعتبر أنّه إن لم نهتمّ بواقع النّاس وإعادة تحريك المحرّكات الاقتصاديّة سيكون هناك صعوبة في استعادة البلد لعافيته.
ورأى عربيد أنّ انتخاب رئيس للجمهوريّة هو الأساس في لبنان وتشكيل حكومة جديدة من أجل ضمان بنود اتّفاق وقف إطلاق النّار وإعادة انتظام عمل المؤسّسات الدّستوريّة.
وأضاف: “نتطلّع إلى لبنان الغد وكيف أنّ اللّبنانيّين سيعملون على إعادة لمّ البيت الدّاخليّ والحفاظ معًا على الوحدة الوطنيّة والعيش المشترك، فلا يكفي أن يكون هناك فقط وقف لإطلاق نار بل الأهمّ هو مستقبل لبنان وشبابه”.
ووصف زيارة البطريرك الرّاعي بزيارة رجاء تعطينا الإيمان ولكن هناك عمل كبير يجب القيام به على كافّة المستويات ولدى البطريرك الرّؤيا البعيدة لجهة أن يبقى الحوار الوطنيّ موجودًا وإن يشارك فيه كلّ اللّبنانيّين، وإختتم آملًا أن تحمل الأيّام المقبلة اخبارًا جيّدة للبلد ومستقبله الّذي نريد أن يعيش فيه جميع أبنائه.
ثمّ استقبل الرّاعي سفير المملكة العربيّة السّعوديّة في لبنان وليد البخاري الّذي نقل له تحيّات المملكة العربيّة السّعوديّة مستذكرًا الزّيارة التّاريخيّة للرّاعي إلىى المملكة الّتي كانت بادرة خير لا تزال نتائجها فاعلة حتّى اليوم. وأكّد وقوف المملكة إلى جانب لبنان وحرصها على استقراره، مشدّدًا على ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس للجمهوريّة اللّبنانيّة الّذي يُعتبر مدخلًا لكلّ الحلول. كما أشاد بمواقف البطريرك ودوره على الصّعيد الدّاخليّ وسعيه لتحقيق التّقارب والوحدة الدّاخليّة، وأشاد بنتائج القمّة الرّوحيّة الّتي عُقدت مؤخّرًا في بكركي معتبرًا إيّاها مبادرة مميّزة على الصّعيد الوطنيّ، كما وضع البطريرك في أجواء الجهود الّتي ما زالت تقوم بها اللّجنة الخماسيّة.
كما اسقبل البطريرك النّائب نعمة افرام الّذي بعد اللّقاء “بعرض مسودّة ورقة التّفاوض أمام مجلس النّوّاب، ليتمكّن المجلس من الاطّلاع على محتواها وإبداء الملاحظات اللّازمة. فإذا كانت البنود إيجابيّة، سنباركها ونحتفل بها، أمّا إذا تبيّن وجود أيّ شوائب، فسنطالب بالإجراءات التّصحيحيّة اللّازمة لضمان تحقيق مصلحة كلّ لبنان دون استثناء”.
أضاف: “لا يزال محتوى هذه الورقة غير معلوم، وهو أمر يستوجب معرفته بشكل عاجل وشفّاف. ونحن كنوّاب، نحمل أمانة تمثيل الشّعب اللّبنانيّ وواجبنا أن نجيب على تساؤلات المواطنين الّذين انتخبونا. لهذا، نطالب باسم الشّعب اللّبنانيّ بمعرفة تفاصيل ورقة التّفاوض”.
تابع افرام: “نأمل ونصلّي أن يتمّ التّوصّل إلى وقفٍ لإطلاق النّار بأسرع وقت ممكن، وأن يكون هذا الاتّفاق ركيزة خير للبنان. نريده اتّفاقًا طويل الأمد ينهي الحرب الحاليّة ويحصّن لبنان من أيّ حروب مستقبليّة”.
وكشف انّ “النّقاش مع البطريرك تناول أيضًا أوضاع النّازحين، الّذين نعتبرهم مسؤوليّة مشتركة بين جميع اللّبنانيّين. وقد أثبت اللّبنانيّون تعاضدهم في الأزمات، لكن علينا بذل المزيد لتخفيف معاناتهم وتأمين استمراريّتهم في هذه الظّروف الصّعبة، خاصّة إذا طال أمد الحرب وكلّ هذا مع الحفاظ على السّلم الأهليّ. ومع تزايد الأعباء، يجب أن نتحلّى بالصّبر والحكمة لتفادي الوقوع في أوضاع خطرة”.
افرام أشار إلى أنّ الموضوع الثّالث الّذي طرح “تطرّق إلى مرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار، حين يعود جميع اللّبنانيّين إلى كنف الدّولة وتحت مظلّة “خيمة الدّولة اللّبنانيّة”، حيث حينها يمكن للدّولة أن تباشر عبر موازنتها، عمليّة إعادة الإعمار ومساعدة المتضرّرين. لذلك، الالتزام بالدّولة ومؤسّساتها يجب أن يكون الشّرط الأساسيّ والضّامن لإعادة الإعمار. أمّا بالنّسبة إلى الموازنة المقبلة، فيجب أن تكون قائمة على ركائز النّهوض الاقتصاديّ، والعدالة في الإنفاق، ومرتبطة مباشرة بقدرة لبنان على التّعافي الاقتصاديّ. يجب أن نضع مصلحة الوطن فوق أيّ اعتبار، وأن نبني موازنة توازن بين حاجات النّاس والقدرة على تحقيق استدامة ماليّة”.
كما التقى الرّاعي لجنة متابعة توصيات القمّة الرّوحيّة الّتي تضمّ مفتي صور الشّيخ حسن عبدالله، مفتي زحلة والبقاع الشّيخ علي غزّاوي، قاضي المذهب الدّرزيّ الشّيخ غاندي مكارم، مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام المونسينيور عبدو أبو كسم، المحامي وليد غيّاض، الزّميل جورج عرب، ورئيس مركز الدّراسات اللّبنانيّة المهندس عبدالله ريشا. وقد أطلعت اللّجنة البطريرك الرّاعي على نتائج اجتماعنا الّذي عقدته في إحدى قاعات بكركي لإقرار مسودّة برنامج ورشة العمل، الّتي ستنظّمها قريبًا تحت عنوان “النّازحون قضيّة الوحدة الوطنيّة” لترفع إلى أركان القمّة الرّوحيّة الّتي ستنعقد لإعلان موقف وطنيّ جامع في قضيّة النّزوح والنّازحين استنادًا إلى هذه التّوصيات، وقد أقرّت اللّجنة محاور البحث في ورشة العمل، ووزّعت الملفّات المطروحة على عدد من الخبراء المختصّين لإعداد أبحاثهم وعرضها خلال ورشة العمل، الّتي قرّرت اللّجنة تنظيمها في المركز الكاثوليكيّ للإعلام قريبًا.
وكان نقاش في عدد من ملفّات الورشة المطروحة وتشديد من الرّاعي على أهمّيّة مقاربة موضوع النّزوح والنّازحين بمعايير تعزيز الوحدة الوطنيّة وتمسّك اللّبنانيّين بأرضهم وعلى ضرورة إبراز الموقف اللّبنانيّ الموحّد الّذي تجلّى في القمّة الرّوحيّة أمام الرّأي العامّ العربيّ والدّولة من خلال آليّة متابعة.
على صعيد آخر أجرى البطريرك الرّاعي اتّصالًا هاتفيًّا بنائب رئيس المجلس الإسلاميّ الشّيعيّ الأعلى الشّيخ علي الخطيب اطمأنّ خلاله إلى أوضاع المجلس بعد الأضرار الّتي ألحقها به العدوان الإسرائيليّ، شاجبًا ما أصابه، مجدّدًا الدّعوة إلى ضرورة التّوصّل إلى اتّفاق لوقف إطلاق النّار وإخراج لبنان من دوّامة الحرب.