22 ديسمبر 2024
الفاتيكان

في ختام السّينودس، هذا ما قاله البابا فرنسيس! 

في اختتام أعمال الجمعيّة العامّة لسينودس الأساقفة حول السّينودسيّة، كانت للبابا فرسيس كلمة أضاء فيها على المسيرة السّينودسيّة وثمارها، والوثيقة الختاميّة كعطيّة. 

وعن تفاصيل الكلمة، ننقل عن موقع “فاتيكان نيوز” ما يلي: 

“وجّه الأب الأقدس كلمة قال في بدايتها إنّنا قد جمعنا في الوثيقة الختاميّة لهذه الجمعيّة العامّة ثمار سنوات، وهي على الأقلّ ثلاث، كنّا خلالها في إصغاء إلى شعب اللّه كي نفهم بشكل أفضل كيف نكون “كنيسة سينودسيّة” في هذا الزّمن، وتحدّث عن الإصغاء إلى الرّوح القدس. وتابع قداسته أنّ مقاطع الكتاب المقدّس الّتي تفتتح أبواب الوثيقة تطرح الرّسالة في ترابط مع أفعال وأقوال الرّبّ القائم الّذي يدعونا إلى أن نكون شهودًا لإنجيله بالحياة أوّلًا قبل الكلمات. 

وفي حديثه عن الوثيقة الختاميّة وصفها الأب الأقدس بعطيّة ثلاثيّة. وتحدّث أوّلًا عن عطيّة إليه كأسقف روما، وقال إنّه بدعوته كنيسة اللّه إلى السّينودس كان على إدراك بأنّه في حاجة إليكم، قال البابا، أساقفة وشهودًا للمسيرة السّينودسيّة، شكرًا، أضاف قداسته. وواصل أنّه يُذكِّر ذاته كثيرًا ويُذكِّر الحضور بأنّ أسقف روما أيضًا هو في حاجة إلى ممارسة الإصغاء، بل ويريد ممارسته للتّمكّن من الإجابة على الكلمة الّذي يكرّر له يوميًّا: ثَبِّت أخوتك وأخواتك، ارعَ خرافي. إنّ واجبي، كما تعلمون جيّدًا، تابع البابا فرنسيس، هو حراسة وتعزيز التّناغم الّذي يواصل الرّوح القدس نشره في كنيسة اللّه، في العلاقات بين الكنائس، رغم كلّ المشقّات والتّوتّرات والانقسامات الّتي تطبع مسيرتها نحو التّجلّي الكامل لملكوت اللّه الّذي يدعونا النّبيّ اشعيا إلى تخيّله كمأدبة أعدها اللّه لجميع الشّعوب على رجاء ألّا يغيب أحد. وواصل الأب الأقدس مشيرًا إلى أنّ هذا هو ما يُعلِّم المجمع الفاتيكانيّ الثّاني حين يصف الكنيسة كسرّ، كعلامة وأداة انتظار اللّه الّذي أعدّ المائدة وينتظر، وتهمس نعمته من خلال الرّوح القدس بكلمات محبّة في قلب كلّ واحد. وشدّد البابا أن علينا نحن أن نُكَّبر صوت هذا الهمس بدون إعاقته، أن نفتح الأبواب لا أن نرفع الجدران. وتابع محذّرًا من التّصرّف وكأنّنا موزّعين للنّعمة تَمَلّكوا من الكنز رابطين يدَي اللّه الرّحوم. وذكَّر قداسته في هذا السّياق بأنّ هذه الجمعيّة العامّة للسّينودس قد بدأت بطلب المغفرة والتّعبير عن الخجل معترفين بأنّنا جميعًا مرحومون. 

هذا وأراد الأب الأقدس التّذكير ببعض بيوت من الشّعر هي بالأحرى صلاة للكاتبة والصّوفيّة مادلين ديلبلير من ضواحي باريس. وتتحدّث الشّاعرة إلى اللّه مشيرة إلى أنّ هناك مَن يتحدثون عن خدمتهم له بأسلوب المقاتلين، وعن معرفتهم له بلغة المعلّمين، وعن الوصول إليه بقواعد رياضيّة وعن محبّته كما في زواج فقد نضارته. وتضرّعت الشّاعرة الصّوفيّة كي يجعلنا اللّه نعيش حياتنا لا كالشّطرنج الّذي يُحسب فيها كلّ شيء أو كمسابقة كلّ ما فيها صعب، لا كنظريّة صعبة الفهم بل كعيد بلا نهاية يتجدّد فيه اللّقاء مع اللّه كما في رقصة في أحضان نعمته والموسيقى الّتي تملأ الكون بالمحبّة. وواصل البابا فرنسيس أنّ أبيات الشّعر هذه يمكنها أن تصبح الخلفيّة الموسيقيّة لاستقبال الوثيقة الختاميّة للسّينودس. 

 وتابع البابا فرنسيس أنّ في ضوء ما أبرزته المسيرة السّينودسيّة هناك وستكون هناك قرارات يجب اتّخاذها. وقال قداسته إنّ علينا في زمن الحروب هذا أن نكون شهودًا للسّلام متعلّمين أيضًا منح شكلّ ملموس للتّعايش في الاختلافات. وأضاف أنّه لا ينوي لهذا الغرض إصدار إرادة رسوليّة، ففي الوثيقة الختاميّة هناك توجيهات محدّدة جدًّا يمكنها أن تقود رسالة الكنائس في القارّات والأطر المختلفة، ولهذا فإنّه سيجعل هذه الوثيقة على الفور في متناول الجميع حيث دعا إلى نشرها كاعتراف بقيمة المسيرة السّينودسيّة الّتي تمّ القيام بها ناقلًا إيّاها إلى شعب اللّه المقدّس. 

وواصل البابا فرنسيس أنّه وفيما يتعلّق ببعض جوانب حياة الكنيسة الّتي تمّت الإشارة إليها في الوثيقة الختاميّة وأيضًا المواضيع الّتي تطرّقت إليها مجموعات الدّراسة العشر لتقديم اقتراحات له، فإنّ هناك حاجة إلى وقت لبلوغ اختيارات تشمل الكنيسة بكاملها. سأواصل بالتّالي الإصغاء إلى الأساقفة والكنائس الموكلة إليهم، قال الأب الأقدس. وتابع البابا أنّ هذا لا يعني الرّغبة في تأجيل القرارات إلى ما لا نهاية، بل هذا ما يتماشى مع الأسلوب السّينودسيّ الّذي يجب أن تتمّ من خلاله الخدمة البطرسيّة أيضًا، أيّ الإصغاء والدّعوة والتّمييز، التّقرير والتّقييم. وهذه الخطوات تتطلّب الوقفات والصّمت والصّلاة، قال قداسته، وأضاف أنّ هذا هو الأسلوب الّذي نتعلّمه معًا تدريجيًّا وأنّ الرّوح القدس يدعونا ويعضدنا في هذا التّعلّم الّذي يجب أن نفهمه كمسيرة ارتداد. كما وأكّد الأب الأقدس أنّ الأمانة العامّة للسّينودس ودوائر الكوريا الرّومانيّة ستساعده في هذا الواجب. 

ثمّ انتقل البابا فرنسيس إلى الحديث عن الوثيقة الختاميّة للسّينودس كعطيّة لشعب اللّه بكامله في تنوّعه. وقال الأب الأقدس أنّه من البديهيّ أنّه لن يقوم الجميع بقراءة الوثيقة بل ستكونون أنتم في المقام الأوّل، قال البابا للحضور، ومع كثيرين آخرين مَن سيُمَكن من التّعرّف على محتويات الوثيقة على صعيد الكنائس المحلّيّة. وشدّد البابا على أنّ النّصّ بدون الشّهادة للخبرة المعاشة سيفقد كثيرًا من قيمته. 

أمّا عن العطيّة الثّالثة فقال البابا فرنسيس إنّ ما عشناه هو عطيّة لا يمكننا أن نحتفظ بها لأنفسنا، فالانطلاقة النّاتجة عن هذه الخبرة والّتي تُشكّل الوثيقة الختاميّة انعكاسًا لها تعطينا الشّجاعة للشّهادة على أنّه من الممكن السّير معًا في التّنوّع بدون إدانة أحد للآخر. وواصل الأب الاقدس أنّنا نأتي من جميع انحاء العالم متأثّرين بالعنف والفقر واللّامبالاة، وأضاف أنّنا معًا، وبالرّجاء الّذي لا يُخيِّب تُوحّدنا محبّة اللّه في قلوبنا، يمكننا لا فقط أن نحلم بالسّلام بل وأن نعمل بكلّ ما لدينا من قوّة كي يتحقّق السّلام من خلال مسيرات إصغاء وحوار ومصالحة. وتابع الأب الأقدس أنّ الكنيسة السّينودسيّة هي في حاجة الآن من أجل الرّسالة إلى أن ترافَق الكلمات المتقاسَمة بالأفعال. 

وفي ختام كلمته قال البابا فرنسيس إنّ هذا كلّه هو عطيّة من الرّوح القدس، فهو الّذي يُحدّث التّناغم، هو التّناغم، قال قداسته، وأضاف: فليتواصل هذا التّناغم أيضًا بعد الخروج من هذه القاعة. ثمّ تضرّع كي يساعدنا نَفَس القائم على تقاسم ما نلنا من عطايا. وختم البابا شاكرًا الجميع خاصًّا بالذّكر الكاردينالَين ماريو غريك وجان كلود هوليريش  والأخت ناتالي بيكار والآباء لويس مارتين دي سان مارتين وريكاردو باتوكيو وجاكومو كوستا. وشكر الأب الأقدس أيضًا من عملوا خلف الكواليس حسبما ذكر.”