لا تزال صورهم تهزّ العالم، صرخاتهم وبكاؤهم ومناشداتهم تؤنّب الضّمائر، تشرّدهم وتهجيرهم وموتهم يبكي الحجر، والبشر لا يحرّكون ساكنًا للأسف.
هم أطفال العالم الّذين يموتون يوميًّا لألف سبب وسبب. هم تحديدًا أطفال غزّة ولبنان الّذي وقعوا ضحايا في لعبة الكبار الّتي حتّى السّاعة لم يجرؤ أحد في العالم على وقفها ووضع نهاية لها.
كم من طفل وطفل فقدوا السّكينة اليوم وجُرّدوا من أبسط حقوقهم، فحرموا من بيوتهم وألعابهم ومقاعدهم الدّراسيّة! كم منهم فقد أمًّا وأبًا وأختًا وأخًا، حتّى أنّه فقد عائلة بأكملها!
كم منهم يعيشون صدمة بسبب كمّ الأحداث الّتي تواجههم، فبدل أن تختزن عقولهم وعيونهم ذكريات جميلة، ها هم يخزّنون مشاهد الحرب والدّمار والدّمّ والعنف…
كم كثيرون هم هؤلاء الأطفال الّذين جرّدتهم الحياة من الطّفولة وسلبتهم براءتها واضطهدت حقوقهم الطّبيعيّة. وكم هي كثيرة الصّور الّتي يمكن أن تستوقفنا وتهزّ كياننا لمجرّد التّفكير بها!
وأمام هذه الويلات، نتساءل في اليوم الدّوليّ لحماية الأطفال: أوليس لكلّ طفلّ حقّ أصيل في الحياة وعلى الدّول أن تكفل بقاءه ونمّوه؟ ولكن أين هي تلك الدّول من ذاك الحقّ اليوم؟ ألا تنصّ شرعة حقوق الأطفال على عدم وجوب مشاركة أيّ طفل تحت الخامسة عشرة في أيّ نوع من الحروب، وعلى تأمين حماية خاصّة للأطفال المعرّضين للنّزاع المسلّح؟
نعم، هي تنصّ على ذلك. ولكن للأسف فإنّ مجتمعاتنا مزروعة بالشّواذ، فترى الأطفال يتربّون على السّلاح والثّورة والحرب. ترى حياتهم معرّضة للخطر، ليس فقط لخطر الموت وإنّما أيضًا لخطر الجهل الّذي يقود البالغين إلى تحقيق مصالحهم الخاصّة، فيقع الصّغار في فخّ الكبار.
الأمثلة على انتهاك حقوق الطّفل كثيرة تظهر الفظاعة في مجتمعاتنا الضّروسة، وتكشف عن أمراض متغلغلة في بيوتنا ومؤسّساتنا، وإن عدّدناها تطول اللّائحة.
وفي هذا اليوم، وفيما نحن نشهد على إحدى أكبر الانتهاكات بحقّ الطّفولة، نناشد الضّمائر النّائمة لتستيقظ وتفعل بحقّ لأجل الطّفولة المسلوبة الحقوق، لتدقّ بيد من حديد في المكان المناسب. فليس من يوم أنسب من الآن لنعيد إلى كلّ أطفال العالم حياتهم، وبخاصّة حيث النّزاعات والحروب.
في يوم الطّفولة، وبإسم أطفال العالم، وبخاصّة بإسم أطفال الشّرق وتحديدًا لبنان، نردّد كلمات الأغنية الشّهيرة: “اعطونا الطّفولة… اعطونا السّلام!”.
بقلم: ريتا كرم