23 ديسمبر 2024
مقالات

ما الأبعاد الدّلاليّة الّتي تحملها تقاليد عيد القدّيسة بربارة؟ 

لا يمكن للرّابع من كانون الأوّل/ ديسمبر أن يمرّ من دون أن تبتهج قلوب الصّغار كما الكبار بعيد القدّيسة بربارة. 

فبين البعد الرّوحيّ للعيد وبعده الشّعبيّ، قصّة قدّيسة شابّة شهيدة، وقفت  بشجاعة في وجه الوثنيّة رافضة عبادة الأصنام بعد تعرّفها إلى المسيحيّة، مواجهة أقسى أنواع العذابات من سجن وجلد فقطع رأس، مقدّمة للعالم أمثولة في الثّبات والرّسوخ بالإيمان مهما كانت الضّيقات. 

وفي هذا اليوم، تعلو ضحكات الأطفال تحديدًا في البيوت والشّوارع، بعد أن يختاروا زيًّا تنكّريًّا يجولون فيه من مكان إلى آخر على وقع أغنية “هاشلة بربارة” الشّهيرة. 

وفي البيوت، ربّات المنازل تهيّئن حلويات العيد وتزرعن القمح وفقًا للتّقاليد. 

ولكن هل تعلمون ما هي الأبعاد الرّوحيّة لتلك المظاهر الاحتفاليّة؟  

إنّ الأزياء التّنكّريّة الّتي نتمنّى لو تكون ضمن معايير البراءة والتّقاليد وتحافظ على المعنى الرّوحيّ المختبئ وراءها، فهي تحيي- كما يقول الأب الأب ميشال عبّود الكرمليّ- “الأعجوبة الّتي جرت مع القدّيسة بربارة حين لفّها النّور ما أن نُزعت عنها ملابسها قبل قطع رأسها”. 

وما أطيب ما تقدّمه الموائد اليوم من حلويات وأطايب، فبين المعكرون والعوّيمات والمشبّك والزلابيّة والقطايف والقمح، دلالات إيمانيّة عميقة. فالقمح الّذي غالبًا ما يُستخدم في عيد الشّهداء، يستقي عادته في عيد القدّيسة بربارة من قول المسيح في إنجيل يوحنّا 12/ 24: “إنّ حبّة الحنطة الّتي تقع في الأرض إن لم تمت تبقى وحدها. وإذا ماتت، أخرجت ثمرًا كثيرًا”، فالشّهيد مثل حبّة القمح مات ليحيا في السّماء وأعطى بموته ثمارًا للكنيسة. 

أمّا الحلويات فهي تترجم الفرح الخارجيّ، فرحًا اعتاد أسلافنا أن يبرزوه للعلن عن طريق صنعها وتقديمها في المناسبات الكبرى فقط لضيق الأحوال الاقتصاديّة. وهنا هي تشير إلى مسيرة الألم الّتي سلكتها الشّهيدة، فـ”مثلما تُطهى العجينة على حرارة مرتفعة وتثمر حلويات لذيذة، أثمرت عذابات الشّهيدة بربارة قدّيسة جميلة وعظيمة”.  

إذًا اليوم، وفيما نتحضّر للاحتفال بعيد “البربارة”، هلّا نقف أمام قدسيّة هذا العيد ونعيد لشفيعتها لقبها فنحيي معًا عيد “القدّيسة بربارة”.. 

هلّا نستغني عن كلّ العادات المستوردة فلا نخلط بين عيد الهالوين وتقاليده الوثنيّة وعيد هذه القدّيسة الّتي رفضت عبادة الأصنام مجاهرة بعبادة ربّ الأرباب يسوع، فقدّمت حياتها في سبيل إيمانها.. 

اليوم، لنزرع في أطفالنا جذور العيد وننفح فيهم روحانيّة قدّيسته ونشكر وإيّاهم الله على هذه الشّهيدة الّتي بالرّغم من ألمها زرعت بيننا فرحًا كبيرًا لا يزال يطرق أبوابنا كلّ عام في الموعد نفسه. 

بقلم: ريتا كرم