في الأحد الأوّل من تقديس البيعة، دعا بطريرك الكلدان مار لويس روفائيل ساكو إلى التّعلّم من بطرس من أجل تصحيح الأخطاء والعيش بسلام.
ساكو الّذي ترأّس القدّاس الإلهيّ في كابيلّا مار توما الرّسول للمعهد الكهنوتيّ البطريركيّ- عنكاوا مساءً، ألقى عظة من وحي المناسبة قائلًا بحسب موقع البطريركيّة الرّسميّ:
“نحتفل اليوم بالأحد الأوّل من زمن تقديس البيعة. وينقل إلينا إنجيل متّى إيمان بطرس وتكليفه ليقود الكنيسة مع الآخرين إلى الأمام لأنّها الخميرة الّتي ينبغي أن تنمو وتكبر وليست دكاكين شخصيّة!
الحدث يحصل في نواحي “قيصريّة فيليبّس”، وهي منطقة بعيدة عن متناول الجمهور.
لقد أحبّ يسوع أن يختلي بتلاميذه ليُكوِّنهم. ويظهر هذا الحوار طريقة يسوع التّربويّة المؤثّرة في تنشيئة تلاميذه، و أسلوبَه الرّقيق. إنّه يجذب مُحاوريه باحترام حرّيّتهم من ناحية، ويحرّك مشاعرهم للحبِّ بجذريّة من ناحية ثانية. هذا هو ما يلهمه يسوع من خلال كلماته وأفعاله.
سألهم عن أراء النّاس عنه: “مَنْ تقولُ النّاس أنّي أنا”. إنّها تفكّر أنّه: “أحد الأنبياء، مثل المعمدان، أو إيليّا، أو إرميا”. هذه أفكار طيّبة، لكنّها لا تذهب إلى أبعد، لذا يعودُ يَسألهم مباشرة: “وأنتم من تقولون إنّي أنا؟” فيأتي جوابُ بطرس قاطعًا: “أنت المسيح ابن الله الحيّ”.
إستحسنَ يسوع جواب بطرس، فطوَّبه على هذا الإيمان “طوبى لك يا سمعان بن يونا”. ومن خلال بطرس يُعطي يسوع الطّوبى لكلِّ من يُؤمن به حقًّا.
يؤسّس يسوع كنيسته على بطرس، أيّ على صخرة إيمانٍه، وليس على قول النّاس– الرّمل.
يعلّمنا بطرس أن نحب باندفاع وأن نتوب بانكسار القلب عندما نخطأ. بطرس آمن، لكنّه أخطأ أيضًا: كذب علنًا اثناء القبض على يسوع، عندما قال ثلاث مرّات أنّي “لا أعرفه”. وأيضًا عندما حصل اضطهاد في روما على المسيحيّين، خاف بطرس فهرب. وفي الطّريق صادف يسوع، فسأله رابي، إلى أين أنت ذاهبQuod Vadis . أجابه يسوع: إنّي ذاهب إلى روما لأستشهد عوضًا عنك… فما كان من بطرس في حالة الكذب عندما نظر إليه يسوع إلّا أن يبكي ويندم على كذبه وخذلانه، وفي المرّة الثّانية على جُبْنِه إن عاد إلى روما وصلب بالمقلوب!
بالرّغم من ضعف بطرس البشريّ، إلّا أنّ إيمانه كان قويًّا وثقته عالية، أليس هو نفسه من قال حين أخذت الجموع تترك يسوع: “يا ربّ إلى من نذهب وكلام الحياة الأبديّة عندك؟” (يوحنّا 7/68).
كلّ واحد منّا يمثّله بطرس بشكل أو بآخر. لذا يتوجّب علينا أن نرافق يسوع في محطّات حياته لكي نتحوّل إلى صورته بتنمية العلاقات: المحبّة الصّادقة، والثّبات، وتحمُّل المسؤوليّة بالرّغم من الاختلافات والصّعوبات.
السّينوداليّة الّتي اشتركت فيها بروما شهرًا كاملاً ، أكّدت على السّير معًا في الكنيسة كجماعة واحدة في الشّركة والرّسالة بخطوات عمليّة تشهد لإيماننا، عبر الإصغاء إلى الرّوح القدس في صمت داخليّ وسكينة من دون اضطراب، والصّلاة الشّخصيّة والجماعيّة (اللّيتورجيا)، والتّأمّل في كلمة الله، وتطبيق ما صلّيناه في تفاصيل حياتنا لتكون لنا الحياة الأبديّة.
حان الوقت لنتعلّم من مثال بطرس:
– لنبدأ بصدق وشجاعة بتغيير تفكيرنا وتصحيح أخطائنا لنعيش بسلام في العائلة والمجتمع والكنيسة ولا نضيّع حياتنا بالكبرياء والعناد.
– لنخرج من الأوهام والكذب، ولنكن صادقين أمام الله وأمام ذاتنا وأمام الآخرين.
– لنعترف بحدودنا وحاجتنا إلى رحمة الله ورحمة إخوتنا ولنحافظ على الّثقة!”.