23 ديسمبر 2024
سوريا

هذا ما دعا إليه يونان بعد ما آلت إليه الأوضاع في سوريا!

صدر عن أمانة سرّ بطريركيّة السّريان الكاثوليك الأنطاكيّة، يوم السّبت، بيان حول الأوضاع في سوريا، وقد جاء في نصّه:

“بعد التّغيير الّذي طال الحكم في سوريا اعتبارًا من الثّامن من كانون الأوّل الجاري، وبعد أن تواصل صاحب الغبطة مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان بطريرك السّريان الكاثوليك الأنطاكيّ، مع أصحاب السّيادة مطارنة الأبرشيّات السّريانيّة الكاثوليكيّة الأربع في سوريا، وعدد من الآباء الخوارنة والكهنة والمؤمنين، صدر عن أمانة سرّ بطريركيّة السّريان الكاثوليك الأنطاكيّة البيان الإعلاميّ التّالي:

يتابع غبطته عن كثب ما آلت إليه الأوضاع في سوريا العزيزة، بعد أن عانى الشّعب السّوريّ من الحرب الّتي اضطُرَّ لتحمُّل أوزارها زهاء ثلاثة عشر عامًا. فتمّ طيّ حقبة من الزّمن، لتحلّ محلّها مرحلة جديدة نأمل أن تحمل راية الحرّيّة والكرامة والعدالة للشّعب السّوريّ الحبيب بمختلف مكوّناته.

ويتطلّع غبطته إلى قيام حكومة انتقاليّة تؤمّن عمليّة انتقال هادئة للحكم، وتحمي السّوريّين من الانتقام والتّشفّي، إذ يكفي ما عاناه هذا الشّعب الأبيّ طوال السّنوات الماضية، مع ضرورة أن تلتزم الحكومة الانتقاليّة بمعايير الشّفافيّة والمسامحة والعدالة بين جميع المواطنين.

ويدعو غبطته إلى احترام التّعدّديّة الإثنيّة والدّينيّة وإعطاء الحقوق لكلّ المكوّنات، لاسيّما وأنّ الشّعب السّوريّ يتألّف من عدّة إثنيّات وقوميّات، لكلٍّ منها هويّته الاجتماعيّة والدّينيّة والثّقافيّة، وعاداته وتقاليده ولغته، ومعًا تُشكِّل الشّعبَ السّوريّ الواحد التّائق إلى إعادة بناء دولة سوريا رائدة وحرّة، ما يدفع للتّحذير من أيّة مغامرة تهدف إلى تغيير ديمغرافيّ أو دينيّ، مؤكّدًا المطالبة بالحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنيّة واحترام استقلالها وسيادتها ومقدّراتها الطّبيعيّة والصّناعيّة والاقتصاديّة.

ويشدّد غبطته على أنّ المسيحيّين بمختلف مذاهبهم هم مكوِّن أصيل ومؤسِّس في سوريا، من هنا ضرورة صون حرّيّتهم وحرّيّة المكوّنات كافّةً في ممارسة شعائرهم الدّينيّة، وفي التّعليم، وسائر الحرّيّات الّتي تكفلها الشّرعات والمواثيق العالميّة، وفي طليعتها شرعة حقوق الإنسان الّتي صانت حرّيّة الدّين والضّمير لجميع المواطنين، وقبول الرّأي الآخر، وكذلك أهمّيّة الحفاظ على النّظام الخاصّ بأحوالهم الشّخصيّة وإدارة أوقافهم.

ويرفع غبطته الصّلاة إلى الله كي يمنح الحكمة والتّبصُّر للمسؤولين في إدارة شؤون البلاد، ليتجنّبوا فخاخ أعداء الوطن، ويرصّوا الصّفوف بين المواطنين، فيتجمهر الجميع معًا للانطلاق إلى بناء سوريا الغد، بشرًا وحجرًا، حتّى يُصار إلى إجراء انتخابات حرّة وديمقراطيّة ونزيهة، ليتمكّن الشّعب من التّعبير عن تطلّعاته نحو مستقبل مُشرِق للسّلطة والنّظام السّياسيّ في البلاد.

ويتوجّه غبطته بقلبه الأبويّ إلى رعاة كنيستنا السّريانيّة الكاثوليكيّة وأبنائها وبناتها المنتشرين في مختلف المحافظات السّوريّة، في أبرشيّاتنا الأربع: في دمشق وريفها، وحمص وحماة والنّبك، وحلب وتوابعها، والحسكة والقامشلي وسائر الجزيرة، بأساقفتها الأجلّاء، وكهنتها الأفاضل، وشمامستها، ومؤمنيها، مشجّعًا إيّاهم على التّسلُّح بفضائل الإيمان والرّجاء والمحبّة، كي يتابعوا شهادتهم الأمينة للرّبّ يسوع، الرّاعي الصّالح، والتزامهم الكنسيّ، واثقين بوعد الرّبّ لهم: “ثقوا أنا هو، لا تخافوا” (مر 6: 50)، “في العالم سيكون لكم ضيق، لكن تشجّعوا فأنا قد غلبتُ العالم” (يو 16: 33). فالتّغيير الحاصل لا بدّ أن يحمل الخير والاستقرار لوطننا الحبيب، إذ بعد كلّ مخاض وألم ولادة جديدة تحمل نور الرّجاء بغدٍ أفضل لبلدنا، ممّا يشجّع المهاجرين والنّازحين على العودة إلى أرضهم الأمّ، ليساهموا بإعادة الإعمار وبناء وطن حرّ وديمقراطيّ وتعدّديّ.

ويتضرّع غبطته إلى إله السّلام وسيّد الأمان، مع اقتراب الاحتفال بعيد ميلاده طفلاً في مذود بيت لحم، وبقدوم العام الجديد، أن يحفظ سوريا وشعبها والكنيسة والمؤمنين فيها، بدوام السّلام والطّمأنينة والاستقرار: “ليُعطِكُم السلامَ ربُّ السّلامِ نفسه في كلّ حين وفي كلّ حال! ليكن الرّبّ معكم أجمعين!” (2تس 3: 16).”