أحيا بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان عيد القدّيسة بربارة في إرساليّة العائلة المقدّسة السّريانيّة الكاثوليكيّة في أوكسبورغ- ألمانيا.
وترأّس للمناسبة القدّاس الإلهيّ، وألقى خلاله عظة استهلّها قائلًا: “كالرّاعي السّاهر على جميع المؤمنين، لا بدّ وأن نقرّ لكم بفرحنا أن نكون بينكم في هذا المساء كي نحتفل بالذّبيحة الإلهيّة في عيد القدّيسة الشّهيدة بربارة، في هذا اليوم المبارك، الرّابع من كانون الأوّل. وبهذه المناسبة نهنّئ جميع الأخوات المبارَكات على اسم بربارة، وبربارة أصبحت قدّيسة معروفة في العالم كلّه، ليس فقط في الشّرق حيث وُلِدَت ونالت إكليل الشّهادة، بل في كلّ البلاد، شرقًا وغربًا، حيث هناك كنائس مشيّدة على اسم القدّيسة بربارة. جئنا إليكم، أيّها الأحبّاء، في ظرف خاصّ، حيث كانت لنا زيارة إلى سيادة أخينا مطران أبرشيّة أوكسبورغ اللّاتينيّة Bertram MEIER، ومعنا المونسنيور حبيب مراد، وراعيكم أبونا إياد ياكو، والأب دانيال.
إنّ كنيستنا، كما نردّد دائمًا عندما نزور كنائسنا في العراق، أكان في بغداد، سيّدة النّجاة، أو في الشّمال، الموصل، وكنائس سهل نينوى، والمهجّرين إلى إقليم كوردستان، كنّا نقول لهم: كنيستنا شاهدة على الإيمان بربّنا يسوع المسيح، وشهيدة بسبب إيمانها، لأنّها تحبّ الرّبّ يسوع وتبذل ذاتها من أجل الرّبّ يسوع، على غرار القدّيسة الشّهيدة بربارة، هذه الفتاة العذراء، وجميعنا نعرف قصّة استشهادها، فقد قدّمت ذاتها بإلهام ربّانيّ كي تبقى أمينة للرّبّ يسوع، ولم تقبل أن تسجد للأوثان.
إنّ الكهنة لدينا في كلّ الكنائس أصبحوا “قِطَعًا نادرة”، أيّ قلائل، فعلى أبونا إياد الّذي يخدمكم بكلّ تجرُّد ومحبّة أن يتنقّل بين عدّة كنائس في مدن بعيدة عن بعضها، ويعطي ذاته من أجل هذه النّفوس المؤتمَنة له. لذلك علينا أن نقرّ دائمًا بفضل كهنتنا الأفاضل، ونصلّي من أجلهم، ولا نترك فرصة إلّا ونعبّر لهم عن محبّتنا وتشجيعنا وتضامُننا. على الكنيسة أن تكون هذه العائلة الواحدة الّتي، بالرّغم من اختلاف الآراء بين أفرادها، لا يجب أن تصل أبدًا إلى المقاطعة والانحراف، بمعنى أن نشكّك الآخرين، وخاصّةً أولادنا الصّغار الأحبّاء وشبيبتنا من شبّان وشابّات”.
وتابع يونان: “ندرك جيّدًا، نحن الأهل، أنّ التّضحيات الّتي فُرِضَت علينا في بلادنا تعلِّمُنا أن نبقى أمناء للرّبّ يسوع. ولا نعتقد أنّنا، إذا أتينا إلى هذا البلد حيث هناك نوع من الحرّيّات لم تكن متوفّرة في بلادنا، فهذا يعني أن ننسى إيماننا ووصايا الرّبّ والمحبّة الّتي تجمع الزّوجين، الأب والأمّ. لذا على الأهل أن يتابعوا رسالتهم، ويربّوا الأولاد التّربية السّليمة والصّحيحة”.
وفي سياق آخر، توقّف البطريرك يونان عند “الأخبار الأليمة” الّتي تصل من سوريا، وقال: “فبعد لبنان الّذي عانى قرابة ثلاثة أشهر من عاصفة الحرب والقذائف والطّائرات الحربيّة والصّواريخ، لبنان الصّغير بمساحة 10452 كيلومترًا مربّعًا، للأسف لم يتركه حتّى أشقاؤّه العرب كي يعيش بسلام وأمان ويبقى رسالة لمحيطه. اليوم سمعتم بالهجمات الإرهابيّة في شمال سوريا، وبالأخصّ في حلب، ومن ثمّ جنوبًا إلى حماة ومناطق عدّة. لم نكن نتوقّع هذا الأمر أبدًا، لكنّنا نتذكّر جيّدًا، وللأسف الشّديد، قبل عشر سنوات، نكبة الموصل، ونكبة سهل نينوى وقراه وبلداته، حيث تهجَّرتُم وطُرِدتُم من أرض الآباء والأجداد بسبب هذا الاضطهاد المخيف والإرهابيّ.
نضرع إلى الرّبّ كي يقوّينا ويعزّي قلوبنا رغم كلّ هذه المآسي، ويلهمنا أن نتقلّد فضيلة الرّجاء ولا نفقدها مهما كانت العاصفة قويّة وعنيفة. نبتهل إليه، هو إلهنا ومخلّصنا، كي يجمعنا بالمحبّة، مستذكرين أنّ أتباع الرّبّ يسوع في الكنيسة الأولى في أنطاكية كانوا يُعرَفون من النّاس المحيطين بهم أنّهم مسيحيّون لأنّهم كانوا يحبّون بعضهم بعضًا، كما يخبرنا لوقا الإنجيليّ كاتب سفر أعمال الرّسل.
نسأل الرّبّ أن يباركنا ويملأنا بفرح هذا العيد، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، ومار يوسف حامي العائلة المقدّسة، والقدّيسة الشّهيدة بربارة، وجميع القدّيسين والشّهداء.
وكان كاهن إرساليّة العائلة المقدّسة في أوكسبورغ والإرساليّات السّريانيّة الكاثوليكيّة في جنوب ألمانيا الأب إياد ياكو قد ألقى كلمة ترحيبيّة بالبطريرك يونان، سائلًا الله “أن يديمه بالصّحّة والعافية والعمر الطّويل، ويحفظه على رأس الكنيسة”، طالبًا بركته الأبويّة وصلواته.
وبعد القدّاس، كان لقاء مع البطريرك يونان حيث نال المؤمنون بركته الأبويّة في جوّ من الفرح الرّوحيّ.