“تذكرة الرّبّ”، بارّ عند الله، وتابع لوصايا الرّبّ وأحكامه.
تلك الصّفات وإذا دلّت على أحد إنّما هي تدلّ على زكريّا الّذي عاش ليشهد على أكبر نعمة أغدقها الرّبّ عليه.
فبعد أن عاش مع زوجته أليصابات التّقيّة، من دون أن يرزقا بطفل، ودخلا شيخوختهما بأمانة لأحكام الشّريعة، حصل ما لم يكن بالحسبان.
فعندما دخل زكريّا مقدس الآب لتأدية الخدمة، يقول لوقا البشير: “فتراءى له ملاك الرّبّ قائمًا عن يمين مذبح البخور. فاضطرب زكريّا حين رآه واستولى عليه الخوف. فقال له الملاك جبرائيل: لا تخف، يا زكريّا، فقد سُمع دعاؤك وستلد لك امرأتك أليصابات ابنًا فسمّه يوحنّا. وستلقى فرحًا وابتهاجًا، ويفرح بمولده أناس كثيرون.”
أتى وقع الخبر صادمًا على زكريّا إذ تفاجأ مجيبًا: “بمَ أعرف هذا وأنا شيخ كبير، وامرأتي طاعنة في السّنّ؟” وكان العقاب: “ستصاب بالخرس، فلا تستطيع الكلام إلى يوم يحدث ذلك، لأنّك لم تؤمن بأقوالي وهي ستتمّ في أوانها.”
وعندما حانت السّاعة، ولدت أليصابات وأنجبت صبيًّا يكون عظيمًا أمام الرّبّ ممتلئًا من الرّوح القدس ويهدي الكثيرين إلى الرّبّ والعصاة إلى حكمة الأبرار، فيعدّ للرّبّ شعبًا متأهّبًا. وعندما سُئل “بالإشارة” عن الإسم، طلب لوحًا وكتب: “اسمه يوحنّا”، فتعجّب الجميع و”انفتح فمه لوقته وانطلق لسانه فتكلّم وبارك الله”، وامتلأ من الرّوح القدس وتنبّأ وبارك الرّب “لأنّه افتقد شعبه وافتداه فأقام لنا مخلّصًا… يخلّصنا من أعدائنا وأيدي جميع مبغضينا. فأظهر رحمته لآبائنا… فنعبده غير خائفين بالتّقوى والبرّ، وعينه علينا، طوال أيّام حياتنا.”
بتلك الكلمات نطق زكرّيا والرّوح القدس يلهب قلبه ويملأ فاه بالنّبوءات مع ولادة يوحنّا “نبيّ العليّ” الّذي سيعدّ طريق الرّبّ ويعلّم شعبه الخلاص بغفران خطاياهم.
إذًا، هذا هو زكريّا الحكيم الّذي توشّح بحلّة الكهنوت وصار “كوكبًا ومعاينًا للأسرار”، حاملًا في ذاته سمات النّعمة”.
لذا نصلّي إلى الرّبّ لفكّ لسان من عُقدت ألسنتهم أمام الحقّ فيبشّروا بالحقيقة على السّطوح وفي كلّ المحافل، ويعلنوا إلى العالم كلّه أنّ ما من مستحيل عند الله.
بقلم: ريتا كرم