مستكملًا تعليمه حول الرّوح القدس، توقّف البابا فرنسيس في المقابلة العامّة عند عمل الرّوح القدس في البشارة منطلقًا من ما كتب القدّيس بطرس في رسالته الأولى متحدّثًا عن الرّسل باعتبارهم مَن بشّروا “يؤَيِّدُهُمُ الرّوحُ القُدُسُ” (راجع ١بط ١، ١٢).
في هذه العبارة عنصران أساسيّان بالنّسبة للبشارة المسيحيّة، يشير البابا، وهما المحتوى أيّ الإنجيل ثمّ الوسيلة وهي الرّوح القدس. وعن هذين العنصرين تحدّث بدءًا بالإنيجل، فقال بحسب “فاتيكان نيوز”: “إنّ كلمة إنجيل لها في العهد الجديد معنيّين أساسيَّين فهي قد تشير إلى أحد الأناجيل الأربعة أيّ إنجيل متّى ومرقس ولوقا ويوحنّا. ومن هذا المنظور فالمقصود بالإنجيل هو البشرى السّارّة الّتي أعلنها يسوع خلال حياته الأرضيّة. وبعد الفصح فإنّ كلمة إنجيل قد اكتسبت معنى جديدًا وهو النّبأ السّارّ حول يسوع، أيّ السّرّ الفصحيّ، موت الرّبّ وقيامته.”
وذكَّر البابا بما كتب بولس الرّسول حول البشارة باعتبارها قدرة الله لخلاص كلّ مؤمن، وتابع: “البشارة الّتي قام بها الرّسل كانت تتضمّن أيضًا كلّ الواجبات الأخلاقيّة النّابعة من الإنجيل بدءًا من الوصايا العشر وصولًا إلى الوصيّة الّتي وصفها البابا بالجديدة، وصيّة المحبّة.”
وأشار البابا هنا إلى الخطأ الّذي حذّر منه بولس الرّسول “أيّ وضع الشّريعة قبل النّعمة والأفعال قبل الإيمان”، وشدّد على أنّه “لتفادي السّقوط في هذا الخطأ من الضّروريّ، الانطلاق دائمًا من إعلان ما فعل المسيح من أجلنا.” وأوضح أنّه “ولهذا السّبب قد شدّد في الإرشاد الرّسوليّ “فرح الإنجيل” على الإعلان والّذي يتوقّف عليه كلّ تطبيق أخلاقيّ.”
وتحدّث البابا بالتّالي “عن الدّور الأساسيّ في التّعليم للإعلان الأوّل والّذي يجب أن يكون في مركز العمل التّبشيريّ والتّجدّد الكنسيّ”. وأضاف الأب الأقدس إنّه حين يتحدّث عن الإعلان الأوّل “فإنّ هذا لا يعني أنّه إعلان يُنسى مع الوقت أو يتمّ استبداله، فكلمة الأوّل هنا هي بمعنى الأهمّيّة لأنّه الإعلان الأساسيّ والّذي يجب دائمًا العودة إلى الإصغاء إليه بأشكال مختلفة ويجب دائمًا إعلانه مجدَّدًا خلال التّعليم”.
أمّا عن العنصر الثّاني أيّ وسيلة الإعلان، فذكَّر البابا مجدَّدًا بما كتب القدّيس بطرس في رسالته الأولى وشدّد على أنّ “هذا ما يجب أن تقوم به الكنيسة، أيّ أن تبشّر بالإنجيل من خلال الرّوح القدس، أن تفعل ما قال يسوع: :رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ لِأَنَّهُ مَسَحَني لِأُبَشِّرَ الفُقَراء وأَرسَلَني لأُعلِنَ لِلمَأسورينَ تَخلِيَةَ سَبيلِهم ولِلعُميانِ عَودَةَ البصَرِ إِلَيهِم وأُفَرِّجَ عنِ الـمَظلومين” (لو ٤، ١٨). إنّ البشارة بمسحة الرّوح القدس تعني نقل، وإلى جانب الأفكار والعقيدة، حياة إيماننا وقناعاته والاعتماد، وكما كتب بولس الرّسول في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس لا على “أُسلوبِ الإِقناعِ بِالحِكمَة، بل على أَدِلَّةِ الرُّوحِ والقُوَّة” (١قور ٢، ٤).
كيف يمكن تطبيق هذا وهو أمر لا يتوقّف علينا بل على مجيء الرّوح القدس؟ إنّ هناك شيئين يعتمدان علينا. الأوّل هو الصّلاة، فالرّوح القدس يحلّ على مَن يصلّي وذلك لأنّ الآب السّماويّ “يهَبَ الرُّوحَ القُدُسَ لِلَّذينَ يسأَلونَه” لو ١١، ١٣)، وخاصّة حين يسألونه لإعلان إنجيل ابنه.”
وحذّر الأب الأقدس بالتّالي من الإعلان بدون صلاة وإلّا فسنصبح مثل من وصفهم بولس الرّسول في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس بـ”نُحاسٌ يَطِنُّ أَو صَنْجٌ يَرِنّ” (١قور ١٣، ١).
وأخيرًا حثّ البابا “على ضرورة مواصلة الصّلاة من أجل السّلام”.